اين تقع مدينة النحاس

بواسطة: admin
سبتمبر 23, 2023 11:03 م

أين تقع مدينة النحاس؟؟ وهو أحد المواقع التي تدور حولها الأساطير التاريخية، كما وثقه بعض المؤرخين. بينما ينفي وجود الآخرين. وفي الحقيقة هي من أغرب المدن التي دارت حولها العديد من المشاكل والانتقادات. ولعلنا في هذا المقال ضمن محتويات الموقع سنكشف عن جوهره.

أين تقع مدينة النحاس؟

لا يعرف بالضبط أين تقع مدينة النحاس؟ سواء كانت تقع في الأندلس الأوروبية أو في دولة المغرب الإفريقية. والحقيقة أنها المدينة المذكورة في كتب المؤرخين القدماء. وكثيراً ما صدق البعض وجودها، فيما نفىها آخرون واعتبروها إحدى مدن الأساطير التي تدور حولها القصص. أما الروايات التي تقول بوجودها فقد انقسمت إلى قسمين. وفي الواقع، ينسب بعضها إلى بنائه الملك ذو القرنين، حيث بناه في الأندلس، على المحيط الأطلسي، وسحره حتى لا يدخله أحد. بينما ينسبه آخرون إلى الجن، إذ بنوه بناءً على رغبة الملك سليمان.

القصة الغريبة لمدينة النحاس

وفي هذا المقال أين تقع مدينة النحاس نستخرج بعضا مما ذكره أبو حامد الأندلسي المعروف بالغرناطي في كتابه (تحفة القلب وصفوة الإعجاب). حيث جاء في الفصل الثاني والذي حمل عنوان: “في صفة عجائب البلدان والأبنية الغريبة” كما يلي:

مرحلة محاولة اكتشاف المدينة

كانت المرحلة الأولى من اكتشاف مدينة النحاس التي تقع في الأندلس، مع عدة محاولات لاستنتاج طريقة دخولها، والتي نعرضها على النحو التالي:

  • “مدينة النحاس بناها الجن لسليمان بن داود عليهما السلام، وتقع في الفيافي بالأندلس بالمغرب الأقصى، قريبة من بحر الظلمات. ووصل خبرها إلى عبد الملك بن مروان، فكتب إلى واليه بالمغرب: لقد سمعت خبر مدينة النحاس التي بناها الجن لسليمان بن داود عليهما السلام. فاذهب إليه واكتب لي ما ترى فيه من العجائب…».
  • ولما وصل كتاب عبد الملك بن مروان إلى واليه بالمغرب موسى بن نصير. خرج بجيش كثيف وعدد كبير من الناس، وخرج معه مرشدون يرشدونه إلى تلك المدينة، فسار في طريق غير مطروق أربعين يوما حتى أشرف على أرض واسعة مليئة بالمياه والعيون والأشجار. والوحوش والطيور والعشب والزهور. وبدت لهم أسوار مدينة النحاس كأن أيدي الخلائق لم تصنعها، فصدموا من منظرها…».
  • “وأرسل قائداً من قواده.. وأمره أن يطوف بالمدينة فيرى هل يرى لها باباً… فلم يجد باباً للمدينة، فقال موسى: كيف الطريق إلى هل تعرف ماذا يوجد في هذه المدينة؟ فحفروا عند سور المدينة حتى وصلوا إلى الماء، وكان سور النحاس ثابتا تحت الأرض حتى غلبهم الماء. وكانوا يعلمون أنه لا سبيل للدخول إليها من خلال أسوارها…

مرحلة محاولة رؤية المدينة

ونعرض في هذه المرحلة بعض الطرق لمحاولة الدخول إلى مدينة النحاس التي تقع، بحسب الغرناطي، في الأندلس، على النحو التالي:

  • ثم وفد موسى بن نصير مناديا ينادي في الناس أن من صعد إلى أعلى سور المدينة أعطيناه ديةه… ثم وفد رجل شجاع فقال: إني صاعد فاربطوا رباطاً قوياً. حبل في وسطه وأمسك طرفه معك، حتى إذا أردت أن ألقي بنفسي في المدينة فامنعني. قال: ففعلوا ذلك وصعد الرجل. ولما أشرف على المدينة ضحك وألقى بنفسه. ففجروه بذلك الحبل بينما تم سحب الرجل من داخل المدينة حتى قطعت جثة الرجل إلى نصفين. وسقط نصفه من حزامه مع فخذيه ورجليه. وذهب نصفه الآخر إلى المدينة، وكان هناك جلبة واضطراب كثير في المدينة. في ذلك الوقت يئس الأمير موسى من معرفة أي شيء عن المدينة وقال: ربما يكون في المدينة جن يأخذون كل من جاء إلى المدينة… وكان معه علماء يقرؤون كل لغة فنسخوا ما كان على الألواح التي رأوها، ثم رأوا صورة نحاس من بعيد، فذهبوا إليها فوجدوها في صورة رجل يحمل طبقًا من نحاس، مكتوبًا: ليس خلفي طائفة، فارجعوا ولا تدخلوا هذه الأرض فتهلكوا. فأمر الأمير مجموعة من خدمه فدخلوا تلك الأرض، فقفز عليهم النمل من تلك الأرض من بين الأشجار، عظامهم مثل الأسود البرية، فقطعوا أولئك الرجال وخيولهم، واقتربوا من الجيش مثل الأسود. السحاب بكثرة، حتى وصلوا إلى تلك الصورة، فوقفوا عندها ولم يتجاوزوها..».
  • فتعجبوا من ذلك وانصرفوا حتى وصلوا إلى الجانب الشرقي. قال فلما وصلوا إلى الأشجار رأوا بحيرة كبيرة فيها طيور كثيرة، فأمرهم موسى أن ينزلوا حولها فنزلوا. قال، فانفتح حوض، فخرج منه فارس من نار على فرس من نار وبيده رمح من نار، فطار في الهواء وهو ينادي يا نبي الله أني سأفعل. فلا يعود، ففتح صهريج آخر، وخرج منه فارس آخر. لأن فيها جناً حبسهم سليمان عليه السلام لتمردهم، فأعاد بقية البوابات إلى البحيرة، ثم أذن المؤذن لصلاة الظهر.

قصيدة تصف مدينة النحاس

جاء في كتاب (أثر البلاد وأخبار العباد) لأبي عبد الله بن زكريا القزويني، عن أستاذه أبو حامد الأندلسي، أو كما يعرف بالغرناطي، قصيدة تصف مدينة النحاس. ونعرض بعض أجزائه، على سبيل المثال:

والمملكة تقبل ربعي أينما كان

فلك البروج يجر في سجوده

أرض البحيرة التي أدانت ذلك

جن الفيل والطير في غداءه

والريح تحملها الرخاء

شهرين يؤدي إلى روحه

مثل سحابة، غامضة، ثابتة

البرية من جميع الجوانب

وتدفقت معه قطر وشكلت مدينة

واو الوهم حائر دون صفاته

حصن من النحاس محاط من جوانبه

وعلى غلو السهم في غلوه

وفيها كنوزه ومعظم كنوزه

ويأتيه الله إلى أجله

إن في الأرض آيات فلا تكن منكراً

وعجائب الأمور من آياته

آراء المؤرخين في مدينة النحاس

وبعد أن عرضنا القصة التي تجيب عن مكان وجود مدينة النحاس، وتماشياً مع ذلك، نعرض آراء بعض المؤرخين، حيث تعاملوا مع هذه القصة على أنها أسطورة، وبالتالي تم دحض حقيقة وجودها، كما يتبع:

رأي ابن خلدون في مدينة النحاس

وبينما استعرضنا أين تقع مدينة النحاس، نستعرض أيضًا رأي المؤرخ وعالم الاجتماع ابن خلدون حيث وجه نقدًا شديدًا – في كتابه المعنون (كتاب العبر وديوان المبتدأ والأخبار) في أيام العرب والفرس والبربر ومعاصريهم بأعظم سلطة) وهو ما يعرف بـ (مقدمة ابن خلدون) التي جمعها سنة 1377م على يد علي بن الحسين بن علي أبو الحسن. المسعودي الذي ذكر في كتابه (مروج الذهب) مدينة النحاس حيث قال ابن خلدون ما يلي:

  • “كما نقله المسعودي أيضاً في حديث مدينة النحاس، فهي مدينة كل أبنية النحاس بصحراء سجلماسة، التي انتصر عليها موسى بن نصير في فتحه للمغرب، وأن أبوابها مغلقة” . وأن من صعد إليها من جدرانها إذا أشرف على الحائط وصفق وألقى بنفسه، فإنه لا يعود في آخر الزمان، في حديث يستحيل عادة من أساطير القصاص. كما أن صحراء سجلماسة عصفت بالركاب والمرشدين، ولم يتوقفوا لهذه المدينة على الأخبار. علاوة على ذلك، فإن جميع هذه الشروط التي ذكروها عادة ما تكون مستحيلة ومخالفة للأمور الطبيعية في بناء المدن وتخطيطها. وأن الغرض من المعادن هو الصرف في القدور والخراط. وأما بناء مدينة منه، فكما تراه من الاستحالة والبعد.

منظر ياقوت الحموي لمدينة النحاس

واستعرضنا أيضاً رأي ابن خلدون حول أين تقع مدينة النحاس، وتماشياً مع ذلك فقد ذكر المؤرخ ياقوت الحموي في كتابه المعنون (معجم البلدان) الذي ألفه بين عامي 1220 و1224م، أن ولم يصدق مدينة النحاس التي ذكرها ابن الفقيه في كتابه (كتاب البلدان) حيث قال:

  • “مدينة النحاس، وتسمى مدينة الصفر، ولها قصة بعيدة لخروجها عن العرف، وأنا بريء من عادتها. أكتب ما وجدته في الكتب المشهورة التي دونها الحكماء، ومع ذلك فهي مدينة معروفة فذكرتها».

وفي الختام، بعد أن قدم أين تقع مدينة النحاس؟. وبين من يؤمن بقصة هذه المدينة المسحورة، ومن ينكره، ويعتبرها قصة خيالية لا تتجاوز حدود الأساطير التي تعتمد على الدهشة والغرابة والخيال. بينما تبقى مدينة النحاس – في نظر البعض – لغزا لا بد من حله.