من هم الهكسوس

بواسطة: admin
سبتمبر 23, 2023 10:44 م

من هم الهكسوس, واختلفت المصادر التاريخية في تحديد هويتهم ومكان نشأتهم، وتعددت الفرضيات حول هذا الموضوع، إلا أنها اتفقت على أنهم اعتلوا عرش مصر لمدة تزيد على ثلاثمائة عام، وذلك في فترة ضعف الفراعنة. . وسيكون حكمهم هو أول حكم أجنبي عرفته أرض مصر عبر تاريخها، وهو ما أيقظ حكامها فيما بعد بالتأكيد على ضرورة الاهتمام عسكريا بالجانب الهجومي والتوسع في المنطقة قدر الإمكان، تحسبا لأي هجوم. خطر محتمل قد يهدد مصر ويجعلها ضمن أطماع دول الجوار.

من هم الهكسوس؟

الهكسوس، وفقًا لإحدى الفرضيات، هم مجموعة عرقية من البدو والرعاة، ومن المحتمل أنهم جاءوا من وسط وشرق آسيا. بينما تقول فرضية أخرى أنهم رعاة وبدو من أصل عربي، وقد جاءوا من شبه الجزيرة العربية واستقروا في شرق دلتا النيل. بينما تقول فرضية ثالثة أنهم شعب سيريو كنعاني يتحدثون اللغة السامية الغربية من أصول عمورية وحورية، قدموا من سوريا في بلاد الشام عبر فلسطين. كانوا يعملون كجنود وعمال. إذ تفوقوا على الفراعنة وهزموهم وحكموا مصر زمناً طويلاً وجعلوا عاصمة ملكهم في أفاريس التي تقع شمال القاهرة والتي تعرف اليوم بـ (تل الضبعة). في الوقت الذي أثروا فيه على الحضارة المصرية. كما تميزوا بالعديد من الاختراعات والاكتشافات. ثم إنهم الذين احتضنوا سيدنا يوسف عليه السلام، وأقاموه أميناً على خزائن الأرض، وجعلوه مساوياً للملك. كما سمحوا له أن يأتي بعائلته وإخوته إلى أرض مصر، حيث التقى مرة أخرى بأبيه سيدنا يعقوب.

معنى الهكسوس

أول من أطلق اسم الهكسوس هو الكاهن مانيتون، وهو أول من أرشف تاريخ مصر القديمة في القرن الثالث قبل الميلاد باللغة اليونانية في الأسرة الخامسة عشرة من أجل التفريق بينهم وبين حكام مصر الآسيويين، حيث ظهرت كلمة وتكتب الهكسوس بالهيروغليفية وهي لغة المصريين القدماء كما يلي: HqA – xAswt وتعني الحاكم (وحكام الأراضي الأجنبية)، إلا أن المؤرخ فلافيوس جوزيفوس قام بتحريف ترجمتها لتصبح (الحكام الرعاة). وكان حاكمهم يسمى أيضًا “حقاو – خاسوت” وتعني (الحاكم الأجنبي). بينما في أحد التفسيرات كلمة الهكسوس تعني (هك – سوس) = (هك = حق سوس = حصان) = (حق الحصان) = (صاحب الفرس) = والتي ترجمتها ملوك الخيل.

أشهر الملوك والحكام

الهكسوس هم الذين حكموا مصر لأكثر من ثلاثة عقود. وسيطروا على وادي الدلتا ومصر الوسطى، حتى امتد نفوذهم إلى بلاد الشام. كما أقاموا فيها الأسر الحاكمة، وبحسب ما ذكره المؤرخ مانيتون فقد حكمت مصر ثلاث أسر من الهكسوس: الأسرة الخامسة عشرة عبر ستة ملوك، ومن السادس عشر إلى اثنين وثلاثين ملكًا، والسابع عشر. ومن الجدير بالذكر أن العائلة الأخيرة ليست السابعة عشرة. كما نجح في الحكم ثلاثة وأربعون ملكًا، ومن ملوك الأسر الهكسوسية نذكر أيضًا: شاشي، عبر عنات، سمقنو، سخينر، يعقوب الذي يعرف بسيد واسر ويعقوب حر. كما تظهر فقرات معروفة بالأسماء الكنعانية في سوريا في أسماء بعض ملوكهم مثل إيل وعنات. وفي الواقع، كان الهكسوس قد وصلوا إلى ذروة عصرهم الذهبي في عهد الأسرة الخامسة عشرة، ومن أشهر ملوك هذه الأسرة:

  • صقر – حار: الذي لا يعرف فترة حكمه ويعتقد أنه أول ملك للهكسوس.
  • خيانةحكم مصر عام 1629 ق.م.
  • مكتب أناحكم مصر من 1595 إلى 1555 ق.م.
  • عاطلحكم من 1555 إلى 1545 قبل الميلاد.

التفوق على الفراعنة

الهكسوس هم من أثروا الحضارة المصرية وأغنوها بعلم لم يكن منتشرا من قبل. لقد عرفوا التعدين قبل الأمم الأخرى. وكانوا يستخدمون الحديد في كثير من صناعاتهم، وكانوا بحارة ماهرين بعلم العلامات. كما برعوا في بناء السفن، وخاصة الحربية منها. وهم أول من صمم عربات تجرها الخيول لنقل الجنود. يختلف الهكسوس اختلافًا جوهريًا عن المصريين القدماء. حتى أسمائهم لم تكن مصرية، وطريقة لبسهم كانت مختلفة. كما أن الأعمال الفنية والآثار القديمة التي عثر عليها في الأفاريس تصورهم وهم يرتدون ملابس طويلة متعددة الألوان، كما عرفوا الأصباغ، وهذا ما يجعل أصولهم الكنعانية محتملة. على عكس الملابس المصرية السائدة والتي كان يغلب عليها اللون الأبيض.

الهكسوس في القرآن الكريم

وقد أوضح القرآن الكريم الفرق بين من هم الهكسوس ومن هم الفراعنة في آياته الواضحة. في الوقت الذي لا يزال الكثيرون يعتقدون أنهم متماثلون. ونجد أن القرآن الكريم عندما يتحدث عن الفراعنة، وخاصة حكامهم، يتحدث عنهم دائمًا بلقب (فرعون). بينما عندما يتحدث عن حكام مصر من الهكسوس نجده يتحدث عنهم بلقب (ملك). وهذا واضح في قصتي النبي يوسف وموسى عليهما السلام. كما في قوله تعالى:

  • {قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم}.
  • {نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون}.
  • وفي قوله: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخرى يابسة}.

مما يعني أن حكام مصر في زمن سيدنا يوسف لم يكونوا فراعنة بل هكسوس من فلسطين. وبينما حكام مصر وقت سيدنا موسى هم فراعنة، فقد استعادوا السلطة واضطهدوا بني إسرائيل لأنهم حلفاء الهكسوس.

حكم الهكسوس المثير للجدل لمصر

وكثيرًا ما روجت بعض المصادر أن الهكسوس شعب همجي، غزا أرض مصر وانتزع حكمها بالقوة، عبر الحروب والقتل والدمار. ومع ذلك، فإن دراسة حديثة أجراها علماء الآثار تدحض هذه الادعاءات تماما. حيث قامت عالمة الآثار الأكاديمية كريس ستانس بجامعة بورنماوث في بريطانيا بتحليل أسنان 35 مومياء وهيكلا عظميا مدفونة في أفاريس للذكور والإناث، وبينت أن “الهكسوس لم يحكموا مصر ولم يصلوا إلى كرسي السلطة عن طريق العنف أو الحرب. ” وأضافت أيضًا: “الحقيقة أن الهكسوس لم يغزوا مصر، بل ولدوا على أرضها من أجداد المهاجرين، ثم قرروا الاستيلاء على السلطة”، وهي النتيجة الطبيعية لضعف الحكام في كل زمن. ومكان. وهو ما أيدته عالمة الآثار الفرنسية ميشيل بوزون، المتخصصة في التاريخ المصري القديم بجامعة بوردو، حيث قالت: “إن قوة الهكسوس الاقتصادية والاجتماعية تصاعدت بشكل كبير عبر الأجيال”، لدرجة أنهم ربما نجحوا في الاستيلاء على السلطة دون إراقة قطرة دم واحدة.

تحالف الهكسوس مع ملوك الصعيد

وتشير الدراسات التاريخية إلى علاقة الهكسوس بملوك طيبة في الشمال، الذين كان حكمهم مستقلاً عن باقي مناطق وادي النيل. إنه يمثل التحالف الذي دعمه الملوك ورحبوا به. وذلك بحسب مخطوطة كارنافون الأولى، والتي تعتبر بمثابة مستوطنة تسمح بالحركة والرعي في منطقة الدلتا المشهورة بتربتها الخصبة، في المناطق الخاضعة لسيطرة الهكسوس. وبعد أن اقترح كامس على أعضاء المجلس الاستشاري التحرك ضد الهكسوس. وبينما لم يرغب أعضاء المجلس في تعكير الوضع الراهن، جاء ردهم: «نحن مرتاحون في منطقتنا في مصر. والنونتين (بداية الشلال) قوي – نسبة إلى نهر النيل -، ويصل نفوذنا في الأراضي الوسطى إلى قوص (بالقرب من أسيوط الحالية). تُحرث لنا حقولهم الناعمة، وترعى أبقارنا في الدلتا. والشعير يُرسل إلى خنازيرنا.. ولا تُؤخذ مواشينا.. هو يسيطر على أراضي الآسيويين ونحن نسيطر على مصر».

نهاية الهكسوس حسب المخطوطات

وقد ذكر المؤرخ أحمد عبد الحميد يوسف في كتابه (الأدب المصري القديم) عن نهاية حكم الهكسوس على يد الفراعنة ملوك طيبة ما يلي: “إن المصريين بقيادة ملوك طيبة، سارعوا لطرد الهكسوس من أوطانهم. والذي وصف المعركة في لوح كارنارفون حيث قال: “نزلت النيل لطرد الهكسوس بأمر من آمون – أحمس الأول – صاحب الرأي الصحيح.. وتقدم لي جيشي القوي كأنه جمرة من نار .. وكانت طلائع الجيش من فصائل المازوس تتقدم لكشف الآسيويين وتدمير مواقعهم .. وأغرق المصريون الجيش بالطعام من كل مكان. ووجهت مفرزة قوية من المازوا إلى الأمام، بينما توليت بنفسي مسؤولية حصار نبتي بن تيتي في نفروسى. وكرهت أن أطلقه، ففصلته عن الآسيويين، ثم قضيت الليل في سفينتي.

نهايتهم حسب الموسوعة الشاملة

ويذكر المؤرخ سليم حسن في الجزء الرابع من موسوعته الشاملة “مصر القديمة” عن نهاية وجود الهكسوس في مصر أنه كان بعد صراع نهضوا فيه دون مقاومة، حيث قال: “تشبث الهكسوس بالهكسوس”. فقرر أحمس الأول إعداد معاهدة يخرج بموجبها الهكسوس من مصر سالمين». وبلغ عدد جيشه 48 ألف جندي. وبالفعل، غادرت تلك الجحافل – التي يبلغ عددها 240 ألف شخص – مصر، وعبرت الصحراء ووصلت إلى منطقة فلسطين الحالية. كما أسسوا مدينة جديدة أطلقوا عليها اسم “يودا” والتي نعرفها اليوم باسم “القدس” أو القدس.

ومن كل ما سبق يتبين ذلك الهكسوس هم ومن حكم مصر غير الفراعنة. لقد اختصر التاريخ واستخف بحقهم في تقديمهم كملوك متحضرين في العالم القديم، عن قصد أو عن غير قصد. ولا شك أنه…