من القائل اتجعل فيها من يفسد فيها

بواسطة: admin
سبتمبر 23, 2023 10:39 م

ومن القائل: هل تجعل من يفسدها؟وهي من الأسئلة المهمة التي يجب على المسلم أن يعيها، ويفهم ما هي الظروف والأحداث التي قيلت فيها تلك الكلمة، ويعرف التفسير الصحيح لتلك الآية القرآنية التي وثقت الحدث بتفاصيله.

ومن القائل: هل تجعل من يفسدها؟

وأفضل ما نبدأ به الحديث قول الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً. قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: “أنا أعلم ما لا تعلم.”

وفي تلك الآية الكريمة من سورة البقرة يكلم الله الملائكة، ويخبرهم عن خلق سيدنا آدم عليه السلام، فيبادرونه بالإجابة. الملائكة الكرام عليهم السلاموجاء واضحا في سورة البقرة الآية رقم 30.

تفسير قول الله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة

وقال تعالى: “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة”. وفي هذه الآيات الكريمة عطف تعالى – تعالى – على قصة خلق آدم أبو البشر -عليه السلام- مع قصة خلق الأرواح وخلق السماوات والأرض ، كانتقال في الاستدلال على أن الله واحد، وجمع بين تعدد الأدلة وبين الحوادث المختلفة وأصلها، لتكون الأدلة أشمل، والإيمان بالله أقوى وأثبت، وإذا ومتى هناك هما ظرفان للزمن، الأول للماضي والثاني للمستقبل، فإذا جاء بصيغة المضارع نفع الماضي كما يقول:

(وإذا تقول للذي أنعم الله عليه) وإذا جاء بالماضي ينفع أن يستقبل كقوله 🙁 إذا جاء نصر الله والفتح) ومتى هنا حادثة يقع فيها الكائن ل عامل محدد مسبقًا يشير إليه المقام.

والمعنى: واذكر يا محمد حين قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة.

تفسير الآيات 30-32 من سورة البقرة

قال تعالى: “قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟” قال: “أنا أعلم ما لا تعلم.”

وفي هذا يبدأ بذكر فضل آدم عليه السلام أبو البشر، أن الله لما أراد أن يخلقه أبلغ الملائكة بذلك، وأن الله تركه في الأرض، والملائكة، فقال عليهم السلام: أتجعل فيها من يفسد فيها بالمعصية ويسفك الدماء؟ القتل، وهذا على حسب ظنهم أن الخليفة المخلوق في الأرض سيحدث منه، فتبرأوا الخالق من ذلك، ومجدوه، وأخبروا أنهم قائمون لعبادة الله على وجه خال من الفساد، لذلك قالوا: ونعظم بحمدك، أي: نعظمك بما يليق بحمدك وجلالك، ونقدسك. معناها: ونقدس لك، فاللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن تكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة، كالحب والخوف والتعظيم. الله، وطهرها من الأخلاق الرذيلة.

فقال الله تعالى للملائكة: “إني أعلم” من هذا الخليفة ما لا تعلمونه، فإن كلامكم على ما ظننتم، وأنا أعلم الظواهر والأسرار، وأعلم أن الخير الذي يحققه وخلق هذا الخليفة أعظم مما في الشر أضعافا مضاعفة. وأراد تعالى أن يصطفي منهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن تظهر آياته للخلق، وينال من العبادات ما لم يكن لولا وجود هذا الخليفة. كالجهاد وغيره، وكشف ما خفي في غرائز بني آدم من الخير والشر بالاختبار، ومعرفة عدوه من وليه وحزبه من حربه، وكشف ما يكون. مخبأة في الجنس البشري. فإن نفس الشيطان من الشر الذي ضمنه، واتصف به، فهذا حكم عظيم، وبعضه يكفي في ذلك.

توضيح سؤال الملائكة هل تجعل من يفسدها؟

وبعد أن تعرفنا على إجابة السؤال من القائل: أتجعل فيه من يفسد فيه، يجب أن نوضح الفكرة من السؤال، وهي الفكرة التي قد يقع كثير من الناس في خطأ إدراكها، ولذلك سنحرص على سردها بإيجاز، إذ قد يظن البعض أن سؤالاً كان سؤال الملائكة، اعتراضاً أو استنكاراً، وليس الأمر كذلك، بل سؤالهم إلى الله تعالى كان سؤالاً واستغراباً وهدىً. وطلب الفهم والاستفادة، ولم يكن قط مسألة اعتراض، وجميع أقوال أهل التفسير والعلماء في مسألة ملائكة الله عز وجل تدل على أنها كانت مسألة استفسار وعجب.

قال الإمام الحافظ ابن كثير : وهذا قول الملائكة ليس من باب الاعتراض على الله، ولا من باب الحسد لبني آدم، كما يتصور بعض المفسرين. لديهم ذلك، وهذا ما أبلغهم أنه سيخلقه في الأرض. قال قتادة: وعرض عليهم أنهم مفسدون فيه، فقالوا: هل تجعلون فيه مكانا، وإنما هو سؤال واستطلاع عن الحكمة في ذلك، فيقولون: يا ربنا، فما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن بعضهم هم الذين يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، فإذا كان المقصود عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدسك، أي: نحن يصلي عليك كما سيأتي، أي: لا يأتي منا شيء من ذلك، ولماذا يقتصر علينا؟ قال الله تعالى مجيبا على هذا السؤال لهم: إني أعلم ما لا تعلمون، أي: أعلم المصلحة الغالبة في خلق هذه الطبقة على المفاسد التي ذكرتموها، ما لا تعلمونه، فإني جاعل فيهم أنبياء وأرسل فيهم الرسل فيكون منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد.

وإلى هنا نصل إلى نهاية المقال الذي تناولنا فيه إجابة السؤال ومن القائل: هل تجعل من يفسدها؟ وبعد أن تعرفنا على المتحدث انتقلنا إلى تفسير بقية الآية القرآنية التي تحدثت عن الأمر، لنختتم بتوضيح سؤال الملائكة عن ذلك الأمر.