اول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية

بواسطة: admin
سبتمبر 23, 2023 11:08 م

إن الاعتراف بأولوية فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية هو من الأمور التي يهتم بها الباحثون القانونيون والسياسيون والتاريخيون للتعرف على التطور التاريخي الذي شهدته دول العالم على مر العصور. مما ساهم في الحفاظ على حقوق الأفراد وحرياتهم.

ما هي القوى الثلاث؟

مرت الدولة بتطورات تاريخية مختلفة، اتخذت أشكالاً مختلفة على مر العصور، حتى وصلت إلى الشكل الحالي الذي تعتمده معظم دول العالم، وهو ما يسمى “الدولة الحديثة” والتي قامت على قواعد دستورية وقانونية تنظم شؤونها. وطريقة حكمها، وحقوق الأفراد وواجباتهم تجاه الدولة. تختلف أشكال الدول الحديثة سواء كانت ملكية أو جمهورية أو اتحادية أو إمبراطورية، ولكن جميع أشكال الحكم هذه تشمل سلطات الدولة الثلاث، وهي:

  • السلطة التشريعيةوهي السلطة المسؤولة عن سن القوانين والتشريعات التي يلتزم بها جميع الأفراد والمؤسسات في الدولة. كما أنها الهيئة التي تراقب تصرفات الحكومة للتأكد من تنفيذ القوانين والتشريعات الصادرة عن السلطة التنفيذية. كما تعمل على تقنين العلاقات الدولية للدولة من خلال الموافقة على المعاهدات والاتفاقيات والتصديق عليها. الدولية، وكذلك رسم الخطة المالية للدولة فيما يسمى بالموازنة العامة للدولة، والإشراف على تنفيذها، ومراقبة الإيرادات والنفقات الحكومية.
  • السلطة التنفيذيةوهي السلطة التي تعمل على تنفيذ التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية، ويرأس السلطة التنفيذية الحاكم في الدولة سواء كان الأمير أو السلطان أو الرئيس أو الملك، وهو الأعلى جزء من السلطة التنفيذية، وهو الذي يختار أعضاء السلطة التنفيذية، كما يقوم بإصدار اللوائح التنفيذية والقرارات الإدارية تنفيذاً للتشريعات التي تضعها السلطة التنفيذية.
  • القضاءوهي الجهة الحكومية المسؤولة بالدرجة الأولى عن حماية حقوق الأفراد في المجتمع والفصل في المنازعات التي تنشأ بينهم، أو بينهم وبين السلطة التنفيذية. وفي حالة الموافقة عليه يعمل على ضمان تطبيقه بالشكل الصحيح.

أول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية

بدأت فكرة الفصل بين السلطات في الدولة على شكل نظريات علمية وضعها مفكرون وفلاسفة، في القرون القديمة التي شهدت احتكار الحاكم للتشريع والتنفيذ والقضاء. وهذا ما أدى إلى قمع الحقوق والحريات، وقد بدأ التفكير في هذا المبدأ منذ عصر أفلاطون وأرسطو، اللذين كانا يعتقدان أنه يجب أن تكون في الدولة أجهزة مختلفة، تتوزع بينها المهام التي تقوم بها، بحيث ولا تقوم سلطة واحدة بجميع المهام منفردة، مما يؤثر سلباً على حقوق الأفراد وحرياتهم، كما تراقب تلك الهيئات بعضها البعض حتى لا تحيد عن أي منها.

أول من وضع نظرية الفصل بين السلطات هو القاضي والمفكر الأمريكي تشارلز لويس دي سيكوندا، المعروف باسم “مونتسكو”، في كتابه “روح القوانين”، حيث حدد السلطات الثلاث في الدولة وحدد اختصاصها لكل منهما، وكذلك التمييز بين الديمقراطية والدكتاتورية. صدر كتابه عام 1748م، وكان هذا الكتاب مصدر إلهام للآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية، التي قامت على مبدأ الفصل بين السلطات بطريقة نموذجية.

وعليه فالجواب على السؤال: أول ما فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية هو: الولايات المتحدة الأمريكية … بناءً على نظرية الفصل بين السلطات التي طرحها مونتيسكو.

مبدأ الفصل بين السلطات

مبدأ الفصل بين السلطات هو أحد المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية الحديثة، وقد بدأ في الدول الغربية على أساس أن السيادة للشعب والأمة، وقد بدأ التفكير في هذا المبدأ عند المفكرين في القرن الثامن عشر. في القرن العشرين، كانت معظم الدول تعيش في ظل النظام الملكي المطلق، حيث كان الملك يمسك بزمام السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، فكانت السيادة له وحده، إذ كان هو الذي يتخذ القرارات الكبرى، مما أدى إلى انتشار الظلم الاجتماعي بشكل كبير، بالإضافة إلى طغيان القرارات الحكومية، والاعتداء على الحقوق المكفولة للأفراد، مما أدى إلى التفكير في نظام بديل يحفظ حقوق الأفراد وكرامتهم، ويضمن ذلك تعترف الجهات الحكومية بحقوقها وواجباتها تجاه السلطات الأخرى، وكذلك تجاه أفراد المجتمع، مما يحد من سلطة الحاكم الفرد وقمعه.

ولا يفهم من هذا المبدأ أن الفصل بين السلطات الثلاث في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية يعني الفصل التام بين السلطات، ولكنه يعني أن لكل من هذه السلطات مهام محددة لا ينبغي أن تقوم بها أي سلطة أخرى، و ويعني أيضاً أن هناك تكامل وتنسيق بين تلك الدول، وتعاون جميع السلطات مع بعضها البعض بما يحقق المصالح العليا للبلاد والحفاظ على حقوق الأفراد وحرياتهم، وضمان عدم احتكار أي سلطة من السلطات للحكم. والسلطة في أي مجال للتأكد من أن تلك السلطة ليست مستبدة، سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو قضائية.

مزايا مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية

يعد مبدأ الفصل بين السلطات أحد المبادئ التي تقوم عليها الدول الحديثة بشكل عام، حيث نصت السلطات القانونية العليا في البلاد (الدساتير) على الاختصاصات المحددة لكل منها، بما يضمن حسن أداء تلك الواجبات و الحقوق، كما يؤكد على الأمور المشتركة التي تتعاون فيها هذه السلطات مع بعضها البعض. بعضها، لتحقيق أسس الديمقراطية وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، ولمبدأ الفصل بين السلطات فوائد عديدة، أهمها:

  • القضاء على الدكتاتورية والطغيان الناتج عن تركيز سلطات الدولة الثلاث في يد شخص واحد؛ والتي كانت حادثة في الدول القديمة.
  • ضمان حقوق الأفراد، وتأطير العقوبات التي يجب تطبيقها على الجهات التي تنتهك تلك الحقوق.
  • تحقيق التعاون والتكامل بين السلطات الثلاث في الدولة وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية.
  • التأكد من عدم استبداد سلطة على أخرى وسلبها صلاحياتها.
  • مبدأ الفصل بين السلطات يحقق مبدأ سيادة القانون.

وهنا وصلنا إلى خاتمة المقال. ومن خلالها تعرفنا على إجابة السؤال الأول الخاص بفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية. كما تعرفنا على صلاحيات الدولة ومبدأ الفصل بين السلطات وأهمية هذا المبدأ في تحقيق الديمقراطية الحديثة التي تسعى إليها الدول.