من هم البرماويون في السعودية؟ هناك العديد من حالات التمييز التي تعيشها الإنسانية على أساس طائفي أو عرقي أو ديني، ولعل أكثرها وحشية هي قضية مسلمي بورما، والتي وقف العالم أمامها صامتا أمام كل ما تعرض له مسلمو الروهينجا. ، وفي سطور مقالنا سنتحدث عن البورميين الذين وصلوا إلى السعودية وعن أحوالهم هناك.
من هي بورما؟
دولة بورما أو ميانمار حالياً، دولة تقع في جنوب شرق آسيا، وهي من أكبر الدول في مساحتها، تحدها من الشمال الصين ومن الجنوب البنغال وتايلاند، ومن الشرق تايلاند والصين. ولاوس، ومن الغرب البنغال وبنغلاديش، وتتكون من اتحاد عدد من الولايات أهمها ولاية أركان. وتتركز الديانة البوذية في بورما، حيث تعتبر بورما قبلة البوذيون في العالم. وصل المسلمون إلى بورما في عهد الخليفة هارون الرشيد.
من هم البورميون؟
البرماويون أو الروهينجا هم سكان ولاية بورما، ويتركزون في ولاية أراكان، حيث يشكل المسلمون 15% من السكان الأصليين لهذه الولاية التي يبلغ عدد سكانها 55 مليون نسمة. وصل الإسلام إلى بورما في البداية عن طريق التجار، وفي عهد الخليفة هارون الرشيد انتشر الإسلام في أركان البلاد، حيث أقيمت دولة إسلامية على يد السلطان سليمان شاه، واستمرت قرابة ثلاثة أعوام نصف قرن. وكانت منطقة حكمه تشمل عدداً من الدول المجاورة.
بداية معاناة المسلمين البرماويين
بدأت معاناة المسلمين البرماويين في القرن الرابع عشر الميلادي، على يد المستعمرين البرتغاليين، عندما احتل الملك البوذي بودا باي ولاية أراكان وضمها إلى بورما، خوفا من انتشار الإسلام في المنطقة، حيث ودمر البوذيون الآثار الإسلامية كالمدارس والمساجد، كما قتلوا العلماء والدعاة عمدا. كما أطلقوا العنان لنهب ثروات البلاد على يد البوذيين، وألحقوا بهم أبشع صور الظلم والاضطهاد، حيث أحرقوا منازلهم وأراضيهم، واستعبدوهم دون أي تعويض مالي، تحت أنظار الدولة العظمى. بريطانيا، وحالما نالت بورما استقلالها عن بريطانيا قامت بممارسات شنيعة للغاية. مسلمو الروهينجا، متجاهلين حقوقهم التاريخية والدينية والجغرافية واللغوية والعرقية. وخلال الفترة من 1942م إلى 2000م، نفذت حملات تطهير ومجازر جماعية ضد المسلمين، راح ضحيتها عشرات الآلاف من مسلمي الروهينجا، أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، قُتل خلالها ما يقرب من نصف مليون مسلم. نازح، ولا يزال هذا الظلم لا يزال على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
هجرة مسلمي بورما
بعد كل ما تعرض له مسلمو بورما من اضطهاد، لم يكن أمامهم سوى الهروب بدينهم وأنفسهم، هربًا من جحيم الموت الذي فرضته عليهم السلطات في حكومة بورما الفيدرالية، تجاه الدول الإسلامية المجاورة مثل كباكستان، وتايلاند، والهند، وماليزيا، وبعض دول الخليج، بما فيها المملكة العربية السعودية، وكانت هذه الهجرة على شكل موجات، كلما زاد اضطهاد هذه الأقلية.
من هم البرماويون في السعودية؟
ووصل البرماويون إلى السعودية في أربع موجات من الهجرة جاءت على النحو التالي:
- الهجرة الأولى: في عهد الملك عبد العزيز آل سعود بين عامي 1368هـ و1370هـ.
- الهجرة الثانية : وكان ذلك في الفترة ما بين 1370 هـ إلى 1375 هـ، وكان ذلك سيراً على الأقدام، ولم يصل منهم إلا أعداد قليلة، إذ مات كثير منهم من الجوع أو المرض أو التجول في الصحراء أو السرقة أو افتراس البهائم.
- الهجرة الثالثة: وكان ذلك في الفترة ما بين 1375هـ إلى 1380هـ، وكان أغلبهم يأتون عن طريق الهند وباكستان بغرض الحج.
- الهجرة الرابعة: ومن عام 1380 هـ إلى 1391 هـ، وهو ما عرف بالهجرة الجماعية، لشدة ظلمهم، مما أدى إلى محو قرى بأكملها.
عدد البرماويين في السعودية
وسكن المهاجرون البروميون في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة، ثم طلب الكثير منهم السكن والعيش في مدينة جدة، وبلغ عددهم في المدن الثلاث نحو 250 ألف نسمة كحد أقصى.
أحوال البرماويين في السعودية
أما أحوال البرماويين فهم ينقسمون إلى خمس حالات:
- الذين يحملون جوازات سفر وجنسيات سعودية، وهم الذين وصلوا السعودية في الفترة ما بين 1375هـ إلى 1394هـ، أو الذين كانوا يحملون الجنسية السعودية بموجب المادة 8 قبل التعديل، وهم قليلون.
- من يحملون جواز سفر باكستاني أو بنجلاديشي إما لأنهم قدموا من تلك الدول أو حصلوا عليه عن طريق قنصلية تلك الدول بعد تقديم طلب إلى إدارة الجوازات وهو أمر يتعذر الحصول عليه حالياً.
- الحاصلون على إقامة نظامية بدون جوازات سفر بعد صدور الأمر الملكي في الفترة من 1393هـ إلى 1420هـ بمنحهم الإقامة بدون جوازات سفر كنوع من تصحيح أوضاعهم.
- من لديهم بطاقات هوية أو ما يسمى بالبطاقات البيضاء ويشكلون أغلبية البورميين في المملكة.
- الذين يحملون ورقة لجنة أو ما يسمى بالمشاهد، وهم غير منتظمين.
ظروفهم الاجتماعية والمعيشية في المملكة العربية السعودية
وأوضاع البورميين في السعودية أقل من المتوسط، ويعيش أغلبهم على دخل بسيط يتراوح بين 500 إلى 900 ريال سعودي، ويزاول معظمهم المهن اليدوية التي ورثوها عن آبائهم، مثل السباكة والنجارة أو البناء، ويدرسون في المدارس الخيرية وحلقات تحفيظ القرآن الكريم. ومنهم من يحمل الشهادة الثانوية، لذلك يفضلون العمل في المكتبات أو كسائقين، وقد أصبحوا جزءًا من نسيج الوطن، وشربوا من عاداتها وتقاليدها، أو من حصلوا على الجنسية السعودية، لذلك وهم يعملون في وظائف حكومية خدمةً للمملكة.
والمملكة تقف مع قضيتهم
ومنذ وصول البرماويين كرمتهم المملكة ووفرت لهم وسائل الراحة والأمن والأمان. واعتبرتهم حكومة المملكة قد نزلوا في ساحة الأنصار، وقدمت لهم خدمات جليلة وصححت أوضاع إقامتهم، فأنشئت مدارس لتعليم أبنائهم، وقابل المجتمع البرماوي الخير بالإحسان بإعلان استعداده لحمل السلاح و الدفاع عن المملكة في حرب الخليج.
وبعد قراءة مقالتنا من هم البرماويون في السعودية؟ وفي الختام وضحنا من هي بورما ومن هم البورميون، وتحدثنا عن قصة اضطهادهم وتهجيرهم حتى وصلت إلى أرض المملكة.