حكم الاحتجاج على المعاصي بمشيئة الله

بواسطة: admin
سبتمبر 23, 2023 11:18 م

وحكم الاحتجاج بالمعصية بإذن الله من الأحكام التي ناقشها أهل الفقه والاعتقاد واستفاضوا فيها وذكروا الأدلة الشرعية التي تقوي آراءهم وتؤيدها. والسبب في ذلك أن هناك من الناس من يفعل المعاصي والمعاصي، وإذا سئل عن سبب قيامهم بذلك، ينسبونه إلى إرادة الله وتقديره لهم.

إرادة الله

وتشير بعض الآيات القرآنية إلى الإرادة المطلقة للخالق العظيم، ومن هذه الآيات قول الله تعالى في سورة المدثر: “وَلَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ”. فهو أهل التقوى وأهل المغفرة». وقال أيضاً في سورة التكوير: “وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين”. فهذه الآيات تبين أن أفعال العباد كلها تقع ضمن مشيئة الله سبحانه، لكنها لا تعني الإكراه، فالواقع يثبت أن الإنسان مهتدي مختار. والشرب والجلوس والمشي، ومنه أيضًا أداء الفرائض وأداء الواجبات، أو فعل المعصية كشرب الخمر والزنا.

حكم الاحتجاج على المعصية بإذن الله

وقد ناقش العلماء حكم الدعاء بالمعصية بإذن الله تعالى، وبينوا بطلان هذا الدعاء وردوا على هذه الشبهة بالعديد من الردود المقنعة، والأجوبة المقنعة التي توضح بشكل قاطع أنه لا يجوز للعبد أن يفعل المعاصي والمعاصي وترك الواجبات والفرائض، ثم يقول إنه لا إرادة له في ذلك، وأن الله تعالى هو الذي قدره على شرب الخمر أو الزنا أو التعامل بالربا أو غير ذلك، كترك الصلاة، الامتناع عن الصيام، وعدم امتثال أمر الله سبحانه بالقيام بالواجبات واجتناب المحظورات. الاحتجاج بالمعصية بإرادة الله، ومفسدة ذلك:

الأدلة القانونية

وفي القرآن الكريم والسنة النبوية أدلة كثيرة تبين حكم الاحتجاج على الذنوب بإذن الله، وتؤكد بطلان هذه الدعوة. ومن بين هذه الأدلة ما يلي:

  • أن الله عز وجل لم يقبل هذه الحجة من الكفار الذين احتجوا بالقدر والإرادة على الشرك والكفر، كما قال تعالى في سورة الأنعام: “وَسَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا كَانَ لَنَا شَيْءٌ”. أشركنا ولا آباءنا ولا نهانا عن شيء. كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا لعنتنا. قل هل عندكم من علم لتخرجوه لنا؟ إنكم إنما تتبعون الظن، وما أنتم إلا تكذبون». فالله تعالى عادل، ولو كانت حجتهم مقبولة ومعقولة لما عاقبهم بذنوبهم.
  • لقد أرسل الله تعالى رسلاً ليخبروا عباده بدينه وشريعته، ولو كان دعاء إرادة الله على الذنوب جائزاً لما كان هناك سبب لإرسال الرسل، وقد قال تعالى: “رُسُلٌ مُبَشِّرُونَ وَمُنذِرُونَ لِيُخْرِجَ النَّاسُ”. ولا يكون لكم على الله حجة بعد الرسول وكان الله عزيزا حكيما».
  • إن الله تعالى لا يكلّف الإنسان إلا ما يستطيع، فإذا اضطر الإنسان إلى كل شيء، فكيف يكلّف بالصلاة والصيام وترك الذنوب، والدليل قول الله تعالى: “” واتقوا الله ما استطعتم.” وقال أيضاً في سورة البقرة: «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها». ولا يؤاخذ العبد على عمل لا إرادة له فيه واضطر إليه.
  • اعتراف أهل النار بأن إهمالهم كان بإرادتهم ولم يضطروا لذلك، وأنهم لو عادوا إلى الدنيا لتغيرت أعمالهم واجتنبوا الذنوب وأطاعوا الأوامر. وجاء في سورة المؤمنون أيضاً: “قالوا ربنا غلبتنا بئستنا وكنا قوماً خاسرين”. كما اعترفوا بإهمالهم في الصلاة، وإطعام المساكين، وغير ذلك من الطاعات.
  • والدليل من السنة قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كنا في جنازة ببقيع الغرقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم». إلينا، فجلسنا حوله، وكان معه شارب. فأسند مازحا حقيبته، ثم قال: ما من أحد منكم، لا نفس منفوسة، إلا كتب الله مقعدها من الجنة والنار، وإلا كتب شقيا، أو سعيدا، قال، فقال رجل: يا يا رسول الله أفلا نتمسك بكتابنا ونترك العمل؟ قال: ومن كان؟ الناس سعادة، سوف يصبح للعمل الناس سعادة، ومن كان من؟ الناس بؤس سوف يصبح للعمل الناس بؤس هو قال: عمل الجميع ميسر أما بالنسبة لل الناس سعادة أنها تسهل للعمل الناس سعادة، أو الناس بؤس أنها تسهل للعمل الناس بؤس.”

دليل عقلي

إن العقل السليم والفطرة السليمة يدركان خطأ الاحتجاج على الذنوب بإذن الله دون حاجة إلى دليل، ولكن الدين الإسلامي يعتمد على الإقناع المنطقي المبني على الحجج والبراهين العقلانية التي لا تقبل الشك والريبة، وما يلي هو مجموعة من الاستجابات العقلية والأدلة المنطقية التي ذكرها العلماء في بيان حكم الاحتجاج على الإثم بإذن الله:

  • إن إرادة الله سبحانه، وقضاؤه سر خفي عن عباده، فإنهم لا يعلمون ما سيكون قبل وقوعه. فالإنسان لا يدري ما يترتب على عمله قبل أن يفعله، فكيف يعلم أن الله تعالى أراد له فعل معصية أو ترك واجبات.
  • وصلاحية استدعاء الذنوب بإذن الله تعني وقف الحساب والقيامة والثواب والعقاب.
  • يحرص الإنسان على فعل أمور الدنيا التي تنفعه، ويبتعد عما يضره، ولا يتحجج بذلك بالإرادة، فلماذا يتحجج به في الأمور التي فيها الثواب والعقاب في الآخرة؟
  • إن الاحتجاج على العصيان بإذن الله يؤدي إلى الاحتجاج على إيذاء الناس ونهب أموالهم طوعا أيضا، دون أي عقاب أو رادع، وهذا يؤدي إلى انهيار النظام في العالم كله وانتشار الفوضى.
  • لقد كتب الله تعالى على الإنسان أعماله منذ الأزل، ولكن هذه الكتابة هي نتيجة علمه الأزلي الشامل، فهو يعلم كيف كان عباده قبل أن يخلقوا ويوجدوا.

حكم الاحتجاج على المصائب إن شاء الله

ويرتبط حكم الاحتجاج على الذنوب بإذن الله بمسائل وأحكام أخرى كثيرة، ومن هذه الأحكام: حكم الاحتجاج على المصائب بإذن الله. هناك مصيبة وتنزل عليه المصائب ولكنها إرادة الله ومشيئته، وبناء على ذلك يمكن للإنسان أن يقول أن هذه المصيبة حدثت بإرادة الله، فيصبر ويرضى ويحتسب الأجر حتى تكون هذه المصيبة سببا. لرفع درجته ورفعة منزلته.

فكما أن الإنسان قد يرتكب ذنباً ثم يتوب منه ويستغفر ربه ويصلح حاله حتى لا يعود إلى ذلك الذنب وتلك العصيان، فيأتي إنسان آخر فيذكره بهذا الذنب، فلعله ثم يحتج بإرادة الله على ذلك الذنب لأنه بعد توبته منه صار كالبلاء في حقه، وقد يقول إن الله عز وجل قدر له هذا الأمر، وأنه من عليه، وألهمه الصلاح، وهداه. للتوبة منه.

وهكذا ذكرنا أغلب الأدلة والردود على بدل الاحتجاج على الذنوب بإذن الله، وبينا حكم هذا الاحتجاج وبطلان هذه الدعوة، وتطرقنا إلى حكم الاحتجاج على المصائب بـ بإذن الله، وأن ذلك جائز كما أن الاحتجاج على الذنوب بإذن الله بعد التوبة منها جائز أيضاً، والله أعلم.